سورة يوسف - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


قوله عز وجل: {وجاءت سيارةٌ فأرسلوا واردهم} وهو الذي يرد أمامهم الماء ليستقي لهم. وذكر أصحاب التواريخ أنه مالك بن ذعر بن حجر بن يكه بن لخم.
{فأدلى دلوه} أي أرسلها ليملأها، يقال أدلاها إذا أرسل الدلو ليملأها، ودلاّها إذا أخرجها ملأى.
قال قتادة: فتعلق يوسف عليه السلام بالدلو حين أرسلت. والبئر ببيت المقدس معروف مكانها.
{قال يا بشرى هذا غلام} فيه قولان:
أحدهما: أنه ناداهم بالبشرى يبشرهم بغلام، قاله قتادة.
الثاني: أنه نادى أحدهم، كان اسمه بشرى فناداه باسمه يعلمه بالغلام، قاله السدي.
{وأسرُّوه بضاعة} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن إخوة يوسف كانوا بقرب الجب فلما رأوا الوارد قد أخرجه قالوا هذا عبدنا قد أوثقناه فباعوه وأسرّوا بيعه بثمن جعلوه بضاعة لهم، قاله ابن عباس.
الثاني: أن الواردين الى الجُب أسرّوا ابتياعه عن باقي أصحابهم ليكون بضاعة لهم كيلا يشركوهم فيه لرخصه وتواصوا أنه بضاعة استبضعوها من أهل الماء، قاله مجاهد.
الثالث: أن الذين شروه أسرُّوا بيعه على الملك حتى لا يعلم به أصحابهم وذكروا أنه بضاعة لهم.
وحكى جويبر عن الضحاك أنه ألقيَ في الجب وهو ابن ست سنين، وبقي فيه إلى أن أخرجته السيارة منه ثلاثة أيام.
وقال الكلبي: ألقي فيه وهو ابن سبع عشرة سنة.
قوله عزوجل: {وشروه بثمن بخسٍ} معنى شروه أي باعوه، ومنه قول ابن مفرغ الحميري.
وشريت برداً ليتني *** من بعدِ بُرْدٍ كنت هامه
واسم البيع والشراء يطلق على كل واحد من البائع والمشتري لأن كل واحد منهما بائع لما في يده مشتر لما في يد صاحبه.
وفي بائعه قولان:
أحدهما: أنهم إخوته باعوه على السيارة حين أخرجوه من الجب فادّعوه عبداً، قاله ابن عباس والضحاك ومجاهد.
الثاني: أن السيارة باعوه عن ملك مصر، قاله الحسن وقتادة.
{بثمن بخس} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن البخس ها هنا الحرام، قاله الضحاك، قال ابن عطاء: لأنهم أوقعوا البيع على نفس لا يجوز بيعها فكان ثمنه وإن جَلّ بخساً، وما هو وإن باعه أعداؤه بأعجب منك في بيع نفسك بشهوةٍ ساعةٍ من معاصيك.
الثاني: أنه الظلم، قاله قتادة.
الثالث: أنه القليل، قاله مجاهد والشعبي.
{دراهم معدودة} اختلف في قدرها على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه بيع بعشرين درهماً اقتسموها وكانوا عشرة فأخذ كل واحد منهم درهمين، قاله ابن مسعود وابن عباس وقتادة وعطية والسدي.
الثاني: باثنين وعشرين درهماً، كانوا أحد عشر فأخذ كل واحد درهمين، قاله مجاهد.
الثالث بأربعين درهما، قاله عكرمة وابن إسحاق. وكان السدي يقول: اشتروا بها خفافاً ونِعالاً.
وفي قوله تعالى {دراهم معدودة} وجهان:
أحدهما: معدودة غير موزونة لزهدهم فيه.
الثاني: لأنها كانت أقل من أربعين درهماً، وكانوا لا يَزِنُون أقل من أربعين درهماً، لأن أقل الوزن عندهم كان الأوقية، والأوقية أربعون درهماً.
{وكانوا فيه من الزاهدين} وفي المعنيّ بهم قولان:
أحدهما: أنهم إخوة يوسف كانوا فيه من الزاهدين حين صنعوا به ما صنعوا.
الثاني: أن السيارة كانوا فيه من الزاهدين حين باعوه بما باعوه به.
وفي زهدهم فيه وجهان:
أحدهما: لعلمهم بأنه حرٌّ لا يبتاع.
الثاني: أنه كان عندهم عبداً فخافوا أن يظهر عليه مالكوه فيأخذوه.
وفيه وجه ثالث: أنهم كانوا في ثمنه من الزاهدين لاختبارهم له وعلمهم بفضله، وقال عكرمة أعتق يوسف حين بيع.


قوله عزو جل: {وقال الذي اشتراه من مصر} وهو العزيز ملكها واسمه إظفير بن رويجب.
{لامرأته} واسمها راعيل بنت رعاييل، على ما ذرك ابن اسحاق.
وقال ابن عباس: اسمه قطفير وكان على خزائن مصر، وكان الملك يومئذ الوليد بن الرّيان من العماليق.
قال مقاتل: وكان البائع له للملك مالك بن ذعر بعشرين ديناراً وزاده حُلة ونعلين.
{أكرمي مثواه} فيه وجهان:
أحدهما: أجملي منزلته.
الثاني: أجلي منزلته، قال كثير:
أريد ثواءً عندها وأظُنُّها *** إذا ما أطَلْنا عندها المكث ملَّت
وإكرام مثواه بطيب طعامه ولين لباسه وتوطئة مبيته.
{عسى أن ينفعنا} قيل: في ثمنه إن بعناه. ويحتمل: ينفعنا في الخدمة والنيابة.
{أو نتخذه ولداً} إن أعتقناه وتبنيناه.
قال عبد الله بن مسعود: أحسن الناس في فراسة ثلاثة: العزيز في يوسف حين قال لامرأته {أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا} وابنة شعيب في موسى حين قالت لأبيها {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} [القصص: 26] وأبو بكر حين استخلف عمر.
{وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض} فيه وجهان:
أحدهما: بإخراجه من الجب.
الثاني: باستخلاف الملك له.
{ولنعلمه من تأويل الأحاديث} قد ذكرنا في تأويله وجهين.
{والله غالبٌ على أمره} فيه وجهان:
أحدهما: غالب على أمر يوسف حتى يبلغ فيه ما أراده له، قاله مقاتل.
الثاني: غالب على أمر نفسه فيما يريده، أن يقول له كن فيكون.
قوله عز وجل: {ولما بلغ أشدَّه} يعني منتهى شدته وقوة شبابه. وأما الأشدُّ ففيه ستة أقاويل:
أحدها: ببلوغ الحلم، قاله الشعبي وربيعة وزيد بن أسلم.
الثاني: ثماني عشرة سنة، قاله سعيد بن جبير.
الثالث: عشرون سنة، قاله ابن عباس والضحاك.
الرابع: خمس وعشرون سنة، قاله عكرمة.
الخامس: ثلاثون سنة، قاله السدي.
السادس: ثلاث وثلاثون سنة. قاله الحسن ومجاهد وقتادة.
هذا أول الأشد، وفي آخر الأشد قولان:
أحدهما: أنه أربعون سنة، قاله الحسن. الثاني: أنه ستون سنة، حكاه ابن جرير الطبري، وقال سُحَيْم بن وثيل الرياحي:
أخو خمسين مجتمع أشُدّي *** وتجذّني مداورة الشئون
وفي المراد ببلوغ الأشد في يوسف قولان:
أحدهما: عشرون سنة، قاله الضحاك.
الثاني: ثلاثون سنة، وهو قول مجاهد.
{آتيناه حكماً وعلماً} في هذا الحكم الذي آتاه خمسة أوجه:
أحدها: العقل، قاله مجاهد.
الثاني: الحكم على الناس.
الثالث: الحكمة في أفعاله.
الرابع: القرآن، قاله سفيان.
الخامس: النبوة، قاله السدي. وفي هذا العلم الذي آتاه وجهان:
أحدهما: الفقه، قاله مجاهد.
الثاني: النبوة، قاله ابن أبي نجيح.
ويحتمل وجهاً ثالثاً: أنه العلم بتأويل الرؤيا.
{وكذلك نجزي المحسنين} فيه وجهان:
أحدهما: المطيعين.
الثاني: المهتدين، قاله ابن عباس. والفرق بين الحكيم والعالم أن الحكيم هو العامل بعلمه، والعالم هو المقتصر على العلم دون العمل.


{وراودته التي هو في بيتها عن نفسه} وهي راعيل امرأة العزيز إظفير. قال الضحاك: وكان اسمها زليخا.
قال محمد بن إسحاق: وكان إظفير فيما يحكى لنا رجلاً لا يأتي النساء وكانت امرأته حسناء، وكان يوسف عليه السلام قد أُعطي من الحسن ما لم يعطه أحد قبله ولا بعده كما لم يكن في النساء مثل حواء حسناً. قال ابن عباس: اقتسم يوسف وحواء الحسن نصفين.
فراودته امرأة العزيز عن نفسه استدعاء له إلى نفسها.
{وغلقت الأبواب} فيه وجهان:
أحدهما: بتكثير الأغلاق.
الثاني: بكثرة الإيثاق. {وقالت هيت لك} فيه وجهان:
أحدهما: معناه تهيأت لك، قاله عكرمة وأبو عبد الرحمن السلمي، وهذا تأويل من قرأ بكسر الهاء وترك الهمز، وقال الشاعر:
قد رابني أن الكرى أسكتا *** لو كان معنياً بها لهيتا
الثاني: هلم لك، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة: وأنشد أبو عمرو بن العلاء:
أبلغ أمير المؤمنين أخا *** العراق إذا أتيتا
أن العراق وأهله *** عنق إليك، فهيت هيتا
وهذا تأويل من قرأ هيت لك بفتح الهاء وهي أصح وأفصح، قال طرفة بن العبد:
ليس قومي بالأبعدين إذا ما *** قال داع من العشيرة: هيتا
ثم اختلف قائلو هذا التأويل في الكلمة فحكى عطية عن ابن عباس أن {هيت لك} كلمة بالقبطية معناها هلم لك، وقال مجاهد بل هي كلمة عربية هذا معناها وقال الحسن: هي كلمة سريانية.
{قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي} أي أعوذ بالله.
وفي {إنه ربي أحسن مثواي} وجهان:
أحدهما: إن الله ربي أحسن مثواي فلا أعصيه، قاله الزجاج.
الثاني: أنه أراد العزيز إظفير إنه ربي أي سيدي أحسن مثواي فلا أخونه. قاله مجاهد وابن إسحاق والسدي.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8